حب وحرب

المقاله تحت باب  قصة قصيرة
في 
14/02/2010 06:00 AM
GMT



يا إلهي .. كيف لم أره في المطار!أو عندما كنا على متن الطائرة.. هو ذا يجلس في الجانب الآخر المقابل من صالة الاستقبال في الفندق الذي نُقلنا إليه بعد أن حطت الطائرة بنا في هذا البلد الغريب لنشترك في مؤتمر تمكين المرأة.. هل كان (توفيق) أحد أعضاء الوفد الذي جاء من بغداد؟ أم تراه جاء من بلد آخر.. انقطعت أخباره عني منذ سبع سنين.. منذ فرّقتنا تلك الحرب اللعينة وجعلتنا نتسلق السنين إلى الشيخوخة ولما نبلغ الأربعين من أعمارنا..  لقد تغير كثيرا.. يبدو أكبر من عمره، لكنه مازال وسيما شديد الاهتمام بأناقته كما كان، يظهر ذلك في حذائه الملمع بعناية وبدلته السوداء الأنيقة وربطة العنق التي تبدو كأن عقدتها ربطت بماكنة جعلتها محكمة التناظر.
أنا واثقة أنه عرفني.. ما هذه السخافة! وهل يعقل أن لا يعرفني، إن ما بيننا لم يكن شيئا هينا، كنا كمخلوق واحد بجسدين، ولم يكن حبا ذلك الذي جمعنا أكثر من سنتين عندما شاءت الأقدار أن نلتقي في تلك المدرسة كمدرسين جديدن، كنت مدرسة اللغة العربية وكان هو مدرس الرياضيات، وبسرعة فائقة التقينا كما لو كان كل منا يبحث عن الآخر، قال لي مرة:
- هل تظنين أنا يمكن أن نفترق يوما؟
- أرجوك لماذا تسأل مثل هذا السؤال؟
- أخاف من احتمال كهذا فيومها قد تزهق رو حي قبل أن يأتي.
لم يكن حبا. كان شيئا أكبر. شيئا لا أعرف له اسما، لكنها الحرب اللعينة، كانت أقوى من هذا الشيء، لم يكن من الممكن أن نلتقي في بغداد طيلة السنوات السبع الماضية، وها هو القدر يكتب لنا أن نلتقي هنا في ستوكهولم في صالة فندق لم أحلم أني سأجلس فيها يوما.
هو ذا يختلس النظر إلي من فوق كتالوج شركة الطيران الذي يتظاهر أنه منشغل بقراءته, وعندما أحسّ أني تنبهت إلى نظراته تلك أرسل ابتسامة فيها من الخبث الكثير، ما زال كما هو يتظاهر بأشياء عكس ما يفكر به.
وأنا الأخرى تظاهرت بانشغالي بالبحث عن شيء ما في حقيبتي، أخرجت المرآة الصغيرة وحدقت فيها، أظن أن شكلي ما يزال مقبولا، وقد أضاف لي لون شعري الجديد الذي اخترته خصيصا لهذه السفرة ملامح جديدة وأظن أنها جميلة، وبينما كنت منشغلة بالنظر في المرآة فوجئت به يقف أمامي:
- سيدتي هل تسمحين لي بالجلوس.
- ت.. تفض .. ل
جلس إلى جانبي فأحسست كما لو أن تيارا كهربائيا شديدا يقترب مني من غير أن تكون لي القدرة على الفرار منه..قال:
- إسمي توفيق، عراقي أقيم هنا منذ خمسة عشر عاما
- ......!
- كلفتني المنظمة مع اثنين من الزملاء باستقبال الوفد، لم تُعرفيني بنفسك سيدتي
- .....!